الخامس: ما تقدم من تعذر الموافقة والمخالفة القطعيتين في المقام إنما هو فيما إذا كان الوجوب والحرمة المحتملان واردين على موضوع واحد، لا اختلاف في قيوده، لتكون موافقة أحدهما مخالفة للآخر، سواء كان توصليا، كدخول المسجد، أم تعبديا، كصوم يوم الشك لو قيل بحرمة صوم يوم العيد ولو برجاء أن لا يكون عيدا، بخلاف ما لو اختلف الموضوع ولو بلحاظ القيود المعتبرة فيه، كما لو كان أحدهما المعين أو كلاهما تعبديا لا يمكن امتثاله إلا بقصد التقرب به، كما لو دار الامر بين كون الماء مملوكا يجب التقرب بالوضوء به، ومغصوبا يحرم التصرف فيه مطلقا، أو بين وجوب فعل شئ بقصد القربة وتركه كذلك، فإن الموافقة القطعية في مثل ذلك وإن كانت متعذرة، إلا أن المخالفة القطعية ممكنة، حيث يمكن في المثال الأول استعمال الماء في غير الوضوء القربي. وفي الثاني الترك أو الفعل لا بقصد القربة، ونظير ذلك جميع موارد دوران الوجوب بين الضدين اللذين لهما ثالث.
وقد ذكر شيخنا الأعظم قدس سره وغيره في مثل ذلك حرمة المخالفة القطعية، لمنجزية العلم الاجمالي بالإضافة إليها، وإن لم يكن منجزا بالإضافة إلى الموافقة القطعية، لفرض تعذرها، بناء منهم على أن تعذر الموافقة القطعية لا يوجب سقوط العلم الاجمالي عن المنجزية بالإضافة إلى المخالفة القطعية.
وقد لا يتم ذلك على مذهب المحقق الخراساني قدس سره من أن الاضطرار إلى بعض الأطراف يوجب سقوط العلم الاجمالي عن المنجزية بالكلية.
ومن ثم استشكل عليه غير واحد حيث وافق شيخنا الأعظم قدس سره في المقام.
وتمام الكلام في ذلك في مسألة الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الاجمالي من الفصل الآتي.
السادس: لو دار الامر بين جزئية شئ للمركب ومانعيته فهو وإن رجع إلى الدوران بين محذورين بالإضافة إلى المركب الخارجي من حيث صحته