مستصحبة الزوجية، حيث يكفي استصحاب زوجيتها في منجزية العلم الاجمالي، لكونه محققا للابتلاء بها فعلا.
والفرق بينه وبين المثال الأول أن الاستصحاب لا يوجب اليقين بالقدرة على ارتكاب الطرف المتأخر في المثال الأول، لامكان انكشاف الخلاف في وقته الرافع للحكم الظاهري، وللقدرة العقلية المقومة للابتلاء المعتبر في المنجزية، أما في هذا المثال فالاستصحاب يوجب اليقين بالقدرة، إذ ليس المانع إلا احتمال اليمين، والمفروض أن الاستصحاب مؤمن منه في وقته. إلا أن يحتمل معه انكشاف الخلاف في وقته أيضا، بأن احتمل تذكره لليمين حينئذ، فيتجه عدم منجزية العلم الاجمالي، لعدم كون الاستصحاب موجبا لليقين بالابتلاء في وقته.
ففي الحقيقة أن الموجوب للعلم بالابتلاء هو العلم بجريان الأصل في وقته وصلوحه للعمل حينئذ، فلو احتمل ارتفاع موضوعه في وقته بنحو لا يصلح للعمل لانكشاف الحال لم يعلم بالابتلاء من مجرد إجراء الأصل في الأول، بل لا يجري حينئذ لعدم الأثر. فتأمل جيدا.
ثم إن الظاهر أنه لابد في منجزية العلم الاجمالي التدريجي من الالتفات للأطراف وتحديدها ولو إجمالا. لتكون موردا للتنجيز، حيث لا يدفع العقل للعمل إلا بعد تحديد موضوعه، ولا يكفي مجرد العلم بالابتلاء بالحرام والوقوع فيه من دون تحديد للأطراف، حيث يكثر من المكلف العامل بالأصول الترخيصية، حيث يتعرض للمخالفة الواقعية، ويعلم إجمالا بحصولها في ما يبتلى به من الوقائع التدريجية في شهره أو سنته أو مدة عمره، خصوصا في الأموال والطهارة والنجاسة وغيرهما مما يكثر فيه مخالفة الأصول الترخيصية للواقع. ولولا ذلك لاختل نظام المعاش والمعاد، وقلت الفائدة في جعل الأصول المذكورة.