نعم، بناء على تضمنها حجية الخبر المذكور أمكن قصد امتثال الامر الواقعي الذي تضمنه للجزم به حينئذ من جهة الخبر، وخرج عن باب الاحتياط الذي نحن بصدده.
فالأولى في دفع شبهة تعذر الاحتياط في العبادات البناء على الاكتفاء في امتثال الامر العبادي بالاندفاع عن الامر المحتمل، ولا يتوقف امتثاله على قصده بنحو يستلزم العلم به، كما تقدم توضيحه في الفصل الخامس من مباحث القطع، فقد ذكرنا هناك الاجتزاء بالوجه المذكور مع إمكان العلم بالحال فضلا عما لو كان متعذرا، فراجع.
الامر الخامس: إذا تعددت جهات الاحتياط، فإن اختار المكلف المحافظة على تمامها فهو، وإلا فالظاهر الترجيح بين الاحتياطين ارتكازا بأحد أمرين:
الأول: أهمية التكليف المحتمل، فكلما كان التكليف أهم كان الاحتياط فيه أولى.
الثاني: قوة احتمال التكليف، فكلما كان احتمال التكليف أقوى كان أولى بالمراعاة.
ومنه يظهر الحال لو لزم من الاحتياط التام محذور مانع منه، كاختلال النظام، فإن المتعين حينئذ الاكتفاء بالتبعيض، والأولى ملاحظة المرجحين المذكور ين.
وأما اختيار المكلف للاحتياط التام حتى إذا لزم المحذور ترك الاحتياط بالمرة، فإن لزم منه مخالفة المرجحين المذكورين كان مرجوحا، وإن لم يلزم منه مخالفتهما - بأن فرض تساوي جهات الاحتياط من حيث الأهمية، وقوة الاحتمال - فلا موجب لمرجوحيته.
وأما ما يظهر من بعض مشايخنا من أن الأولى اختيار التبعيض من أول