في ما هو معلوم الثبوت، واستفادة التمييز بعد الاشتباه في خصوص الحديث المتقدم إنما هو من جهة فرض التقسيم، ومن اللام في (الحرام) الظاهرة في العهد، والإشارة إلى الحرام المفروض المشتبه.
فالعمدة في الخدشة في الاستدلال بالحديث في الشبهة الحكمية: أنه في نفسه ظاهر في عدم منجزية العلم الاجمالي، فمن القريب جدا حمله على الشبهة غير المحصورة التي تخرج بعض أطرافها بسبب كثرتها عن محل الابتلاء، كما يشير إليه خبر أبي الجارود، سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن، فقلت له: أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة، فقال: (أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الأرضين؟! إذا علمت أنه ميتة فلا تأكله، وإن لم تعلم فاشتر وبع وكا...) (1)، وذلك انما يكون خارجا في الشبهات الموضوعية، حيث تكون العناوين المشتملة على الحرام - كالجبن واللحم - ذات أفرد كثيرة لا يبتلى بجميعها عادة، بخلاف الشبهات الحكمية. فلاحظ.
السادس: موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام: (كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، والمملوك عندك لعله قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك. والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة) (2). ودلالتها على الأصل الثانوي ظاهرة، ولا سيما بملاحظة الأمثلة.
ولكن لا عموم فيها للشبهة الحكمية، لا من جهة كلمة (بعينه) لما تقدم، بل من جهة الأمثلة، لامكان سوقها مساق الشرح للقاعدة لا لمجرد التمثيل،