هذا، والمقصود بيان وجه إعراضهم عن تحريرها، لا تصحيح الاعراض المذكور، فلا يهم كون هذا الوجه كأكثر الوجوه أو كلها موردا للاشكال، كما تعرض لذلك غير واحد بما لا يسعنا إطالة الكلام تيه.
ثم إن قاعدة: (ما لا يضمن بصحيحة لا يضمن بفاسده)، وإن كانت تنفع في كثير من الشبهات الحكمية وتقع في طريق الاستنباط، إلا أنها إما أن تكون قاعدة اجتهادية واقعية، أو ظاهرية راجعة إلى استصحاب عدم الضمان، وليست أصلا برأسه، وكذا أصالة اللزوم قي العقود.
الامر الرابع: تقدم في أوائل الفصل الثالث من مباحث القطع أن عموم الاحكام الواقعية لحال الجهل بها هو مقتضى إطلاق أدلتها أو عمومها، خلافا لما عن بعض الأعاظم قدس سره من قصور إطلاقها عن ذلك، وان ثبوتها أو ارتفاعها محتاج إلى جعل آخر متمم للجعل الأول تابع لعموم ملاكها وقصوره.
هذا كله في ثبوتها واقعا. واما الحكم الظاهري الثابت في حال الجهل بها، الذي هو مفاد الأصل فهو حكم آخر أجنبي عن الحكم الواقعي، محتاج إلى جعل آخر غير جعله، لا دخل له به، وليس متمما له، لأنه من سنخ آخر غير سنخه، ومجرد تبعيته لأهمية ملاكه في الجملة - كما في الاحتياط والبراءة - إنما يقتضي كونه حكما طريقيا. لا أنه مجعول بجعل متمم لجعل الحكم الواقعي بعد ما أشرنا إليه من اختلاف سنخهما.
فما يظهر من بعض الأعاظم قدس سره من أن امتناع عموم جعل الاحكام الواقعية لحال الجهل بها يقتضي جعل الحكم الظاهري بجعل آخر متمم للجعل الأول، نظير جعل الامر بقصد التقرب، بناء على مسلكه، خلط بين ثبوت الحكم الواقعي حال الجهل وجعل الحكم الظاهري حاله. فراجع ما ذكره في حديث الرفع وتأمل جيدا.
الامر الخامس: أشار غير واحد إلى مسألة: (الأصل في الأشياء الحظر