ومما ذكرنا يظهر الحال فيما لو فرض العلم بشرطية الابتلاء في تنجز التكليف لكن شك في تحديد المرتبة المعتبرة منه.
فإنه لا مجال للرجوع في مورد الشك إلى إطلاق التكليف، كما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره، لعين ما ذكرناه في فرض الشك في أصل شرطية الابتلاء.
ولعله إلى ما ذكرنا يرجع ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره في حاشية الرسائل في وجه امتناع التمسك بالاطلاق مع الشك في تحديد الابتلاء المعبر.
قال قدس سره: (إنما يجوز الرجوع إلى الاطلاقات في دفع قيد كان التقييد به في عرضه ومرتبته، بأن يكون من أحوال ما أطلق وأطواره، لا في دفع ما لا يكون كذلك، وقيد الابتلاء من هذا القبيل، فإنه بحكم العقل والعرف من شرائط تنجز الخطاب المتأخر عن مرتبة أصل إنشائه، فكيف يرجع إلى الاطلاقات الواردة في مقام أصل إنشائه في دفع ما شك في اعتباره في تنجزه؟!).
فلا مجال للايراد عليه..
تارة: بمنع كون الابتلاء بمتعلق التكليف - كالطعام والأرض ونحوهما - من الانقسامات الثانوية اللاحقة له، بل هو من الانقسامات السابقة عليه التي يمكن تقييده بها في الخطاب.
وأخرى: بعدم كونه من شروط تنجيز التكليف، لانحصار المنجز بما يوصل التكليف علما أو تعبدا كالطريق والأصول، فراجع ما ذكره بعض الأعاظم وبعض الأعيان المحققين قدس سرهما في المقام.
لاندفاع الأول: بأنه لا يريد كون الابتلاء من الانقسامات الثانوية وعدمه، إذ لا إشكال في عدم ترتبه مفهوما على التكليف كالعلم به، بل هو كالقدرة مما يمكن لحاظه في رتبة سابقة على التكليف.
بل يريد أن الشك ليس في تقييد موضوع التكليف الذي هو من وظيفة الشارع، بل في توقف التنجيز على الابتلاء، ولما كان ذلك خارجا عن وظيفة