القدر المتيقن بحسب التحليل العقلي، وبعد أن كان ملاك قاعدة قبح العقاب بلا بيان يعم الخصوصيات المأخوذة في التكليف الواحد، بمقتضى الارتباطية المفروضة، كما تقدم في المسألة الأولى. هذا كله يرتبط بالأصل العقلي.
وأما الأصل الشرعي فإنما يتوقف الاستدلال عليه إذا قيل بعدم جريان البراءة العقلية ولزوم الاحتياط، كما هو مختار المحقق الخراساني وبعض الأعاظم قدس سرهما في جميع صور الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين، ومختار بعض الأعيان المحققين قدس سره في خصوص هذه المسألة.
وقد منع بعض الأعاظم قدس سره من جريان البراءة الشرعية هنا مع التزامه بجريانها في المسألة الأولى، وسبقه إلى ذلك المحقق الخراساني، وإن أشرنا إلى اضطراب كلامه هناك، لالحاق الشك هنا بالمتباينين، فقد ادعى بعض الأعاظم قدس سره التباين عرفا بين العام والخاص في المقام، بنحو تكون نسبة أدلة البراءة الشرعية إلى كل منهما سواء، فتسقط بالمعارضة.
وما ذكره قدس سره قريب جدا بناء على مسلكه في تلك المسألة من عدم كفاية العلم بالتكليف بالأقل في تنجيزه بنفسه، بل لابد من إثبات إطلاق الامر به، وأنه يتم برفع التكليف بالأكثر بالأصل، لرجوعه إلى رفع قيدية الزائد واطلاق الامر بالأقل.
فإن إحراز إطلاق الأقل من نفي التكليف بالأكثر بالأصل بالوجه المتقدم موقوف على كون الخصوصية من سنخ القيد الزائد المعتبر في الأقل، ولا يجري في مثل المقام مما كانت الخصوصية متحدة مع الذات، بنحو تكون مباينة للماهية مفهوما، لا أمرا زائدا معتبرا فيه.
وبالجملة: لما كان مبنى البراءة الشرعية على الظهورات التي يكون المرجع في تطبيقها العرف أشكل نفي اعتبار الخصوصية في المقام بعد أن لم تكن من سنخ القيد الزائد عرفا، بل مقوما لاحد طرفي الترديد مع بساطة