التنبيه الخامس: فيها لو كانت الأطراف تدريجية.
لا ريب في منجزية العلم الاجمالي لو كانت أطرافه في عرض واحد بحيث يبتلى المكلف بها دفعة واحدة، سواء أمكن مخالفتها في زمان واحد، كما لو علم بحرمة لبس أحد ثوبين، حيث يمكن لبسهما معا، أم لم يمكن، كما لو علم وهو جنب، بمسجدية أحد المكانين، حيث لا يمكن المكث فيهما في وقت واحد.
لان فعلية الأطراف في الزمان الواحد تستلزم العلم بفعلية التكليف الاجمالي الموجب للموافقة وعدم المخالفة.
وأما لو كانت الأطراف تدريجية الحصول، كما لو علم المكلف بأنه نذر زيارة الحسين عليه السلام في إحدى ليلتين، أو علم بحيض امرأته في خمسة أيام من أول الشهر أو آخره، فقد وقع الكلام بينهم في منجزية العلم، وظاهر شيخنا الأعظم قدس سره التفصيل بين المثالين المتقدمين بالتنجيز في الأول دون الثاني، على إشكال منه في وجه الفرق، وظاهر المحقق الخراساني قدس سره في حاشيته على الرسائل موافقته في التفصيل المذكور للوجه الآتي في الفرق، وجزم بعض الأعاظم وبعض الأعيان المحققين قدس سرهما وغير هما بالمنجزية مطلقا.
والذي ينبغي أن يقال: حيث تقدم غير مرة أنه لابد في منجزية العلم الاجمالي من كون المعلوم أمرا يترتب عليه العمل على كل حال، بحيث يكون موردا للمسؤولية وصالحا لاحداث الداعي العقلي، ليجب الفراغ عنه بعد تنجزه بالعلم، فالكلام في المقام يبتني على تحقيق حال الطرف المتأخر، وأنه صالح للداعوية وموضوع للمسؤولية، أو لا، بعد الفراغ عن صلوح المتقدم لذلك.
ولا ينبغي التأمل في ذلك بعض الرجوع للمرتكزات العقلية، إذ لا ريب في قبح تعجيز المكلف نفسه عن امتثال التكليف المتأخر، بحيث يلزم منه تفويت التكليف التام الملاك في وقته.