تارة: في السند.
وأخرى: في الدلالة.
أما السند فلا إشكال في ضعفه في جميعها، لعدم ذكر أصحابنا لها في كتب الحديث المعروفة، وإنما ذكرت مرسلة في محكي عوالي اللآلي الذي هو من الكتب المتأخرة عصرا غير المعروفة بالضبط وانتقاء الحديث المعتبر، بل طعن فيه صاحب الحدائق مع ما هو المعلوم من حاله من عدم شدة اهتمامه باسناد الاخبار.
قال في رد مرفوعة زرارة الواردة في تعارض الخبرين: (مع ما هي عليه من الرفع والارسال، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الاخبار والاهمال، وخلط غثها بسمينها، وصحيحها بسقيمها، كما لا يخفى على من وقف على الكتاب المذكور)، وإنما ورد الأول مسندا في كتب العامة على اختلاف مضامينه بما يأتي الإشارة إليه.
نعم، قال شيخنا الأعظم قدس سره في توجيه حجية هذه النصوص: (وضعف إسنادها مجبور باشتهار التمسك بها بين الأصحاب في أبواب العبادات، كما لا يخفى على المتتبع).
وفيه: أن تمسك الأصحاب بها غير ثابت، وغاية الامر موافقتهم لها، وهي لا تصلح للجبر ما لم يثبت اعتمادهم عليها وتسالمهم على الرجوع إليها، ولا مجال له بعد عدم تعرض القدماء لها في مقام الاستدلال في ما أعلم، وإلا لما اقتصر على نسبتها للكتاب المذكور مع ما هو عليه من الوهن.
بل لم يجروا عليها في كثير من فروع العبادات فضلا عن غيرها، كما يشهد به تتبع حالهم في الصوم، والخمس، والزكاة، وكثير من فروع الحج والصلاة، فإنهم وإن تنزلوا في كثير من الموارد عن بعض المراتب، كاستبدال القيام بالجلوس في الصلاة، واستبدال المشي أو الركوب بالحمل في الطواف