المقام الأول: في المخالفة القطعية والمعروف المشهور عدم جواز المخالفة القطعية للعلم الاجمالي المفروض في المقام. وربما قيل بجوازها إما لقصور العلم الاجمالي عن اقتضاء المنع عنها، أو لوجود المانع بعد فرض تمامية المقتضى.
أما الأول فيدفعه ما تقدم في الفصل الخامس من مباحث القطع من عدم الفرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي في التنجيز المقتضي - كما عرفت هنا - للمنع من المخالفة القطعية، لاشتراكهما في الجهة المقتضية للعمل. ومجرد ابتلاء العلم الاجمالي بالجهل بالموضوع وتردده بين الأطراف لا أثر له في الجهة المذكورة.
ولا مجال للاستدلال على منجزية العلم الاجمالي المانعة من الترخيص في المخالفة بلزوم التناقض بين الترخيص والحكم المعلوم بالاجمال، كما يظهر من بعض الأعيان المحققين قدس سره.
لما سبق من عدم صحة الاستدلال بلزوم التناقض بالوجه المذكور حتى في العلم التفصيلي.
كما لا مجال للاستدلال على امتناع الترخيص في المخالفة القطعية بعموم دليل التكليف الواقعي للمعلوم بالاجمال - كما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره -.
إذ ليس الاشكال في فعلية التكليف الواقعي في مورد العلم الاجمالي، كيف ولا إشكال في فعليته مع الشك البدوي، لما هو المعلوم من اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل، وإنما الاشكال في تنجز التكليف المذكور بالعلم الاجمالي، والمتعين فيه ما ذكرنا.
وأما الثاني فلا منشأ له إلا توهم أن مقتضى عموم أدلة الأصول الترخيصية من البراءة وغيرها جواز إهمال احتمال التكليف في جميع الأطراف وإن استلزم المخالفة القطعية.