وربما يقال (1): إن العبرة في مرجحية أحد العلمين المتداخلين في المنجزية، والمانعية من منجزية الآخر هو سبق معلومه زمانا، والمفروض عدم ذلك في المقام، ولا أثر لسبق حدوث العلم بنفسه، لان العلم اللاحق بالمعلوم السابق يوجب انقلاب العلم السابق وتبدله بالعلم الكبير، وهو العلم الأول، فيتعين منجزيته ولزوم إحراز الفراغ عنه باجتناب تمام الأطراف.
لكن لا يخفى أن انقلاب العلم السابق إنما يوجب ارتفاع منجزيته إذا رجع إلى ارتفاعه، كما لو قطع المكلف بنجاسة أحد إنائين، ثم تردد في النجاسة بينهما وبين إناء ثالث، أما إذا رجع إلى زيادة المعلوم، كما لو علم بنجاسة أحد إنائين ثم علم بنجاسة إناء ثالث معه فلا وجه لارتفاع منجزيته، ومن الظاهر أن انقلاب العلم المدعى في المقام من الثاني، فهو لا يوجب سقوط العلم الثاني عن المنجزية.
وإنما الاشكال في أن تنجيزه لطرفيه هل يمنع من منجزية العلم الثالث الحاصل حين العلم بالملاقاة، لاشتراكه معه في بعض الأطراف، أو لا؟
ومن الظاهر أن الكلام لا يختص بالمقام، بل يجري في كل علمين إجماليين بينهما عموم من وجه، تأخر أحدهما عن الآخر حدوثا، وقارنه معلوما، فهل يكون تأخر العلم المذكور مستلزما لعدم تنجيزه، لتنجز بعض أطرافه بالعلم السابق، الموجب لعدم العلم بالتكليف الذي يترتب عليه العمل على كل حال، أو لا؟ بل يكون سبق معلومه وصلوحه لان يترتب عليه العمل حينئذ كافيا في منجزية العلم به وإن كان حدوث العلم متأخرا؟
لا يبعد الثاني، لان المنجز وإن كان هو العلم، إلا أن منجزيته باعتبار