بالامتثال في موارد الاحتمال فليس الفرق بينه وبين الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي إلا بمحض الجعل والاعتبار من دون فرق حقيقي أصلا، ومن البعيد جدا دخل الاعتبار في حكم العقل المذكور.
ودعوى: أن العقل يختص بمقام الامتثال ولا دخل للشارع فيه. إنما تسلم بالإضافة إلى أصل وجوب الامتثال ثبوتا، لا بالإضافة إلى مقام الاثبات عند الشك فيه، فكما يكون للشارع التعبد به مع الشك المذكور له الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي.
وبالجملة: لا ملزم يمنع اكتفاء الشارع بالامتثال الاحتمالي بنحو يتعين رد ظواهر الأدلة لو وردت به أو تأويلها.
ومن هنا فلا ضرورة للالتزام بأن القواعد الشرعية التي هي المرجع في مقام الامتثال، كقاعدة الفراغ والقرعة، من الطرق أو الأصول المتضمنة للتعبد بالامتثال شرعا، بل لا مانع من الالتزام برجوع أدلتها إلى الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي في مواردها. إلا أن يفرض ظهور أدلتها في التعبد المذكور.
ثم إن الشك في الامتثال..
تارة: يكون للشك في تحقق المكلف به مع وضوحه مفهوما ومصداقا، كما لو شك المكلف في أنه هل صلى أولا.
وأخرى: يكون للشك في انطباق المكلف به على بعض الأمور، إما لتردده بين المتباينين بنحو الشبهة الحكمية - كالتردد بين الظهر والجمعة - أو الموضوعية - كتردد النجس بين الثوبين - أو لاحتمال توقف تحققه على خصوصية زائدة، بحيث لا يتحقق بدونها، أما الأول فهو أظهر موارد قاعدة الاشتغال.
وأما الثاني فما كان التردد فيه بين المتباينين يبتني الكلام فيه على منجزية العلم الاجمالي التي يأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى في الفصل الثالث.