يأتي الكلام فيه، وخروجه عن فرض الاستدلال بالكتاب - قد يجري مثله من القائلين بالبراءة، إذ يمكن استنادهم لحكم العقل من دون نسبة القول به للشارع، ليلزم القول عليه من غير علم.
وإن كان لدعوى حكم الشارع به - كما هو ظاهر أكثر استدلالاتهم - فهو يتضمن نسبة الحكم به للشارع، فلابد من الاستناد فيه للعلم، كالقول بالبراءة الشرعية.
مع أن القائل بالبراءة قد سبق منه الاستدلال بأدلة علمية شرعية أو عقلية، فلا يكون قوله بها قولا بغير علم.
وتقريب الاستدلال بالثانية: أن الاحتياط في الشبهة مقتضى التقوى لله تعالى.
وفيه: أن التقوى عبارة عن التحرز والتوقي عن عقابه تعالى، فيختص بالشبهة التي يحتمل معها العقاب، والقائل بالبراءة مع الشك في التكليف يدعي الامن منه، لأدلة عقلية وشرعية، فلا موضوع معه للتقوى.
هذا، مع النقض في الاستدلال بكلتا الطائفتين بما هو المتسالم عليه من عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعية، وما هو المشهور بين الأخباريين أنفسهم من عدم وجوبه في الشبهة الوجوبية الحكمية، فإنه لا مجال لالتزام تخصيص أدلة البراءة فيهما للأدلة المتقدمة، لآبائها عن التخصيص جدا، فلابد من التزام ورودها عليها، وكونها رافعة لموضوعها، ومثله يجري في الشبهة التحريمية الحكمية، كما لا يخفى.
وهناك بعض الآيات الاخر بألسنة اخر قد يستدل بها في المقام بوجه ظاهر الوهن، خصوصا بعد ما عرفت.
وأما السنة، فقد يستدل منها بطوائف..
الأولى: ما تضمن النهي عن القول والعمل بغير علم.