أخرى عما تقدم منا من جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان في التكاليف الضمنية.
نعم، استشكل بعض الأعاظم قدس سره في الانحلال في المقام: بأن وجوب الأقل المعلوم في البين ليس هو وجوبه على نحو الاطلاق واللابشرط، بل وجوبه المردد بين كونه بشرط شئ وكونه لا بشرط، وهو عبارة أخرى عن العلم الاجمالي المفروض في البين، وليس علما آخر ملازما له صالحا لحله، فدعوى انحلال العلم الاجمالي بالعلم بوجوب الأقل بالنحو المذكور ترجع إلى دعوى حل العلم الاجمالي لنفسه، وهو غير معقول، بل مقتضى لزوم إحراز الفراغ عن المعلوم بالاجمال وجوب الاحتياط فيه بالاتيان بالأكثر.
فلعل الأولى أن يقال: إن كان المراد بالعلم الاجمالي هو العلم بالأقل أو الأكثر، فليس هذا علما إجماليا، إذ لابد في العلم الاجمالي من أن ينحل إلى قضية منفصلة يتباين طرفاها، وحيث كان التكليف بالأقل داخلا في التكليف بالأكثر لا مباينا له لم تصدق القضية المنفصلة المذكورة، بل مرجع العلم المذكور إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك في وجوب الزائد، كما نبه له سيدنا الأعظم قدس سره، فلا علم إجمالي حتى يحتاج إلى الانحلال.
وإن كان المراد به أنه بعد العلم بوجوب الأقل تفصيلا فهو مردد بين أن يكون بنحو اللابشرط وأن يكون بشرط شئ، لوضوح التباين بين المفادين، فليس هذا العلم الاجمالي منجزا، لعدم كونه علما بالتكليف، لوضوح كون أحد طرفيه السعة، ولا يقتضي الالزام على كل حال، نظير دوران الامر بين وجوب شئ وإباحته، كما نبه له شيخنا الأستاذ قدس سره.
الثاني: ما قد يظهر من الفصول من أن المنجز وإن كان هو خصوص الأقل، إلا أن مقتضى لزوم الفراغ اليقيني عنه هو الاتيان بالأكثر، لعدم إحراز الفراغ عنه إلا بذلك بعد فرض الارتباطية على تقدير وجوب الأكثر، لان سقوط التكليف منوط بتمامية المركب.