وأشكل من ذلك ما ذكره من أن السبق والتأخر الرتبي إنما يترتب عليهما الأثر في الاحكام العقلية المترتبة على الرتبة، وأما الأحكام الشرعية فهي مترتبة على الموجودات الخارجية، ولا أثر فيها للتقدم والتأخر الرتبي، ولذا لو علم إما ببطلان صلاة الصبح لبطلان وضوئها، أو ببطلان صلاة الظهر لخلل فيها، وجب إعادة الصلاتين معا، وإن كان بطلان الصبح متأخرا رتبة عن بطلان الوضوء الذي هو طرف العلم الاجمالي.
لاندفاعه: بأن ذلك إنما يتم في ما إذا كان الترتب في أحد الأطراف لا يوجب الترتب بين الأصول الجارية فيها، كما لو علم إجمالا إما بترك الوضوء لصلاة الصبح أو بترك السلام من صلاة الظهر، فإن الوضوء وإن كان سابقا رتبة على صلاة الصبح، إلا أن الأصل الذي يرجع إليه في الشك فيه هو قاعدة الفراغ في الصبح، وهي في مرتبة قاعدة الفراغ في الظهر، فيتساقطان.
أما إذا كان الترتب في نفس الأصول الجارية في الأطراف فالمتجه البناء على سقوط الأصول المتقدمة رتبة بالمعارضة، وانفراد الأصل المتأخر رتبة بالجريان في بعض الأطراف. كما هو الحال في المقام.
ومثله مورد النقض، لان قاعدة الفراغ من الوضوء للصبح سابقة رتبة على قاعدة الفراغ من الصبح نفسها، وبعد سقوط الأولى بالمعارضة لقاعدة الفراغ من الظهر تجري قاعدة الفراغ من الصبح بلا معارض.
ثم انه قد استثنى شيخنا الأعظم قدس سره مما تقدم ما لو فرض حين العلم الاجمالي عدم جريان الأصل في الملاقى لتلف ونحوه مما يوجب خروجه عن الابتلاء، فذكر أنه يتعين حينئذ لسقوط الأصل الجاري في الملاقي بالمعارضة بالأصل الجاري في الطرف الآخر، لعدم المسقط للأصل في الطرف المذكور في مرتبة سابقة على جريان الأصل في الملاقي، بل يجريان معا ويسقطان بالمعارضة.