ثم إنه بعد أن قرب الوجه الأول ذكر أن رواية جابر المشار إليها في كلام شيخنا الأعظم قدس سره السابق مشعرة بالوجه الثاني بدعوى: أنه عليه السلام جعل أكل الطعام الذي وقعت فيه فأرة استخفافا بالدين، وفسره بتحريم الميتة، ولولا كون نجاسة الميتة ووجوب الاجتناب عنها يقتضي وجوب الاجتناب عن الطعام الملاقي لها، لم يكن موقع للجواب بذلك، إذ لو كان فردا آخر من النجاسة لكان أكله استخفافا بحرمته، لا بحرمة الميتة. هذا حاصل ما ذكره.
ويشكل بوجوه..
الأول: أن ما ذكره أولا من تنجز الحكم الوضعي بالعلم الاجمالي مما لم يتضح وجهه بعد عدم كون الحكم الوضعي بنفسه عمليا، ولا موضوعا لحكم العقل بالطاعة والمعصية، فلا معنى لتنجزه إلا تنجز التكليف المترتب عليه، كحرمة شرب النجس وحرمة التصرف في المغصوب ونحو ذلك.
فمع فرض عدم فعلية الحكم التكليفي المترتب عليه، لعدم كونه تمام الموضوع له، بل جزء ه لا وجه لمنجزية العلم الاجمالي، بل لابد في منجزيته من تمامية الموضوع الموجب للابتلاء بالتكليف بالاجمال، وما ذكره قدس سره من عدم اعتبار فعلية الابتلاء في غير محله جدا.
نعم، تقدم في التدريجيات الاكتفاء بالابتلاء الاستقبالي في تنجز العلم الاجمالي، لكن بشرط العلم به، ولا يكفي احتماله.
وأما عدم نفوذ البيع ظاهرا في الفرض الذي ذكره فلانه لا مجال لبقاء قاعدة السلطنة بالإضافة إلى كل من المالين، لاستلزامها المخالفة القطعية، لأنها تقتضي مشروعية بيع كل من المالين وأكل ثمنهما، مع أنه يعلم بعدم جواز أكل ثمن أحد المالين تكليفا، وسقوط قاعدة السلطنة فيهما راجع إلى تنجز احتمال المانعية، إذ ليست المانعية إلا منتزعة من قصور قاعدة السلطنة.
ودعوى: أنه لا موضوع لذلك قبل البيع، إذ لا ثمن قبله.