المعلوم حينئذ خصوص الأقل، والزائد مشكوك لا غير مدفوع بالأصل، فيرجع إلى الوجه الأول.
قلت: هذا مسلم، إلا أن الأقل لما لم يكن محدودا بحدود ذهنية خاصة منطبقة على المعلوم بالتفصيل، بل مبهما مرددا بين الأطراف، لم يصلح العلم التفصيلي لتعيين المعلوم بالاجمال، ولذا لو فرض كون النجس في الواقع أربعة كان نسبة كل منها إلى العلم الاجمالي واحدة، لعدم المرجح، ولا مجال مع ذلك لتعيين المعلوم بالاجمال بالمعلوم بالتفصيل، وهذا بخلاف الوجه الأول، لأن المفروض فيه كون المعلوم بالاجمال محدودا بحدود ذهنية منطبقة على المعلوم بالتفصيل، كالمتنجس بالدم مثلا.
والظاهر هنا عدم وجوب مراعاة احتمال التكليف في بقية الأطراف، لارتفاع العلم الاجمالي حقيقة، كما في الوجه الأول، لما تقدم من أن مرجعه إلى قضية منفصلة لا مجال لها مع العلم التفصيلي المفروض.
إن قلت: لما كان العلم الاجمالي منجزا للمعلوم بالاجمال على ما هو عليه من الابهام والترديد فلا بد من إحراز الفراغ عنه، وهو لا يحرز بمراعاة العلم التفصيلي بعد فرض عدم إحراز التطابق بينهما، وأن نسبة العلم الاجمالي لتمام الافراد الواقعية واحدة لو فرض زيادتها على المعلوم بالتفصيل.
قلت: وجوب إحراز الفراغ فرع انشغال الذمة بالمعلوم بالاجمال الموقوف على بقاء العلم العلم الاجمالي، فمع فرض ارتفاعه لا مجال لانشغال الذمة ليجب إحراز الفراغ، لوضوح أن بقاء انشغال الذمة مشروط ببقاء العلم، ولا يكفي فيه حدوثه مع ارتفاعه.
وقد تقدم نظير هذا في التنبيه الرابع، عند الكلام في طروء بعض موانع التنجيز في خصوص بعض الأطراف، كالاضطرار ونحوه، وذكرنا هناك أن وجه البناء على منجزيه العلم الاجمالي في بقية الأطراف منحصر بالمرتكزات