والجاهل بالاجماع والضرورة هو الحكم بالمرتبتين الأوليين، وأن الثالثة - كالرابعة - تختلف بحسب الأزمان والأحوال والأشخاص، مدعيا إمكان دعوى الاجماع والضرورة على ذلك.
والظاهر أن قوله: " إمكان اجتماع المتقضي لانشائه... " بيان للمرتبة الأولى، وهي الشأنية، فيناسب ما تقدم في الحكم الاقتضائي. وقوله:
" واجتماع العلة التامة... " بيان للمرتبة الثانية وهي الانشائية، فيناسب ما تقدم في الحكم الانشائي.
ولا يخفى أن ما ذكره في المرتبة الأولى من أنه لا وجود للحكم فيها أصلا لا يناسب جعلها من مراتب وجوده بعد أن لم يكن شيئا مذكورا.
كما أنه مما تقدم من عدم جعل حكم آخر غير الحكم الفعلي يظهر أنه لا واقع للمرتبة الثانية.
وما ذكره من أنها هي المشتركة بين الكل دون الحكم الفعلي راجع للتصويب الباطل بالاجماع والضرورة.
ولعل الملجئ له لذلك هو محاولة الجمع بين الاحكام الواقعية والظاهرية، ويأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالى مع ما قد ينفع في المقام.
وبهذا ينتهي الكلام في حقيقة الحكم الشرعي مقدمة لعلم الأصول، ويقع الكلام في المباحث الأصولية بقسميها: النظرية المحضة، والناظرة لمقام العمل، ونستمد منه تعالى العون والتأييد، والتوفيق والتسديد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.