وقد وقع الكلام بينهم في أن الخطاب بالنحو الثاني هل يستتبع جعلا ووجودا فعليا لحكم تعليقي يترتب العمل عليه بعد تحقق الشرط، بحيث يكون وجود الشرط ظرف العمل بالحكم الموجود سابقا، من دون أن يكون سببا لفعلية الحكم، أولا؟ بل لا يكون للحكم وجود فعلي جعلي إلا بتحقق ما علق عليه، وليس مفاد القضية الشرطية إلا الكشف عن ذلك.
ولا مجال للبناء على استتباع الشرطية جعل حكمين تعليقي مقارن لانشائها، وفعلي عند تحقق الشرط. وقد أفضنا الكلام في ذلك عند الكلام في استصحاب الحكم عند الشك في نسخه.
وكيف كان، فليس في المقام إلا إنشاء الحكم معلقا على موضوعه لو لمن يكن فعليا، ثم فعليته بنحو ما على تقدير فعلية موضوعة، والحكم المجعول واحد تابع لأحدهما، من دون أن يكون هناك حكم سابق على ذلك بالرتبة تابع لنحو خاص من الملاك يسمى بالحكم الاقتضائي أو الانشائي.
وأما الملاك فهو من الأمور التكوينية التي لا دخل للحاكم بها ولا تكون من مراتب حكمه.
وأما الأحكام الشرعية في أول البعثة فليس لها أي نحو من الوجود ولم يكن جعلها إلا تدريجيا حسب اختلاف أزمنة الخطاب بها.
كما أن الاحكام التي تظهر على يدي الحجة (عجل الله فرجه) إما أن تكون تعليقية على موضوعات خاصة لا تكون فعلية إلا بظهوره، أو أنها تشرع حينئذ، وإن كان (عليه السلام) عالما من أول الامر بتشريعها في وقتها آخذا لها من آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وبهذا يصح إسنادها للنبي (صلى الله عليه وآله) ولا تنافي ما تضمن عدم نسخ