إما لكونه منتزعا في مرتبة متأخرة عن ورود الحكم، فلا يكون موضوعا للحكم، لاستحالة أخذ المتأخر في المتقدم، كما لا يكون محكوما به ولا مجعولا، لصدقه بمجرد جعل الحكم بلا حاجة إلى جعل آخر، وإنما يمكن الاخبار به الراجع إلى الاخبار عن الحكم.
وإما لكون المحكوم به أو عليه هو الواقع الخارجي المطابق له بعنوان آخر، فهو مسوق لمحض الحكاية عن الموضوع بما له من عنوان خاص.
فالغصب قد يحكم عليه بالحرمة، كما قد يحمل على بعض التصرفات، مع عدم أخذ عنوان الغصب في موضوع الحرمة بما هو أمر وجودي ذو مفهوم عرفي بسيط، بل ليس موضوعه إلا التصرف في حق المسلم ونحوه ممن يحترم ما له من دون إذن منه أو ممن يقوم مقامه، فهو مركب من التصرف في الحق، وإسلام صاحبه أو نحوه، وعدم الإذن.
وعنوان الغصب إما أن يراد به التصرف في حق الغير بالنحو المنافي لاحترامه شرعا، أو هو منتزع من الموضوع المركب المذكور وحاك عنه، من دون أن يكون موضوعا بمفهومه.
ولازم ذلك عدم جريان التعبد فيه بعنوانه، لعدم كونه مجعولا شرعا ولا موضوعا للحكم الشرعي، بل فيما ينتزع منه، وهو الحكم المجعول شرعا، أو موضوعه ذو العنوان الخاص.
والظاهر أن الامر الانتزاعي قد يراد منه في المقام هذا المعنى، كما قد يراد منه المعنى السابق، كما يتضح عند الدخول في محل الكلام.
إذا عرفت هذا، فالكلام في حقيقة الأحكام الوضعية يكون في ضمن مسائل: