من الخطاب بالحكم في الأدنى ثبوته في الأقوى أو العكس بسبب إدراك العرف جهة الحكم من نفس الخطاب به، نظير: دلالة تحليل وطء الجارية على تحليل ما دونه من الاستمتاع كالتقبيل، وإن فرض غفلة المتكلم عنه حين التحليل، حيث يفهم العرف أن الجهة الموجبة لتحليله الاهتمام بمتعة المحلل له وإشباع رغبته، ورفع الحرج لأجل ذلك عن الأهم تستلزم عرفا ورفعه عن الأخف.
وأظهر من ذلك ما لو فهم العرف سوق الخطاب لبيان عموم الحكم ببيان ثبوته في الفرد الأدنى أو الاعلى، لينتقل لغيره بالأولوية، كما هو الظاهر في قوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف...﴾ (1) حيث يفهم عرفا أن الغرض بيان عموم النهي عن الإهانة والايذاء بالنهي عن الفرد الضعيف منهما.
وبهذا كان المفهوم مقتضى ظهور الكلام، لان الفهم العرفي بأحد الوجهين من سنخ القرينة الحالية، بخلاف الانتقال من أحد الفردين للاخر بالأولوية التي هي من الأدلة العقلية، حيث لا يعتبر فيه فهم ذلك من الدليل، بل يكفي فيه إدراك أقوائية الملاك في الفرد الاخر منه في مورد الدليل.
ولذا لابد فيه من القطع بالملاك أو قيام الحجة عليه بالخوص، أما في مفهوم الموافقة فلا يعتبر إلا ظهور الدليل بأحد الوجهين، ومن ثم يمكن رفع اليد عنه بظهور أقوى منه، كما هو الحال في سائر الظهورات في موارد الجمع العرفي.
ومنه يتضح عدم اختصاص مفهوم الموافقة بمفهوم الأولوية العرفية،