حقيقة الاحكام الاقتضائية - في مقدمة علم الأصول - من أن الإرادة والكراهة التشريعيتين اللذين هما منشأ انتزاع التكليف مباينتان سنخا للإرادة والكراهة النفسيتين الحقيقيتين.
فليس الأمر والنهي إلا عبارة عن الخطاب بالحث نحو الشئ أو الزجر عنه من دون أن يستلزما إرادته أو كراهته فضلا عن أن يتحدا معهما مفهوما أو خارجا، كما يظهر من بعضهم.
نعم الظاهر عدم الاكتفاء فيهما بمطلق الحث والزجر، بل يختصان بما يبتني منهما على فرض المخاطب نفسه بمرتبة من ينبغي متابعته وتنفيذ خطابه، إما لسطان غالب، أو لقوة قاهرة، أو لحق لازم عرفا أو شرعا.
لكن لا بمعنى لزوم بلوغه لذلك حقيقة، بل يكفي تخيله ذلك أو ادعاؤه له، لان المعيار على ابتناء الخطاب عليه.
ولذا لا يكفي وجوده الواقعي من دون أن يبتني عليه الخطاب. فلو وجب شرعا إطاعة الأب فطب الراجي غافلا عن ذلك لم يصدق على طلبه الامر، كما لا يصدق على زجره النهي، وإن وجبت إطاعته.
كما أنه لو طلب طلب السلطان القاهر صدق الأمر والنهي وإن لم تجب إطاعته شرعا ولم يخش سلطانه.
ومرجعه إلى اعتبار الاستعلاء دون العلو، خلافا لما ذكره غير واحد من العكس.
بل يجري ذلك حتى في الأوامر والنواهي الارشادية إذا ابتنت على ادعاء المرشد بلوغة أهلية الارشاد لمعرفته بمرتبة تلزم بمتابعته.
أما لو ابتنت على محض معرفته بالواقع المرشد إليه ولو صدفة من دون