وقوله عز اسمه: ﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا﴾ (١) لان مقام الحث والتأكيد يناسب سبق التشريع لما هو المشروع والمفروغية عنه.
أما ما تضمن الامر بالعمل وتشريعه، كقوله تعالى: ﴿أقم الصلاة طرفي النهار﴾ (٢) وقوله عز وجل: ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ (3) فمجرد تضمنه التشريع لا ينافي ثبوت الاطلاق له فيما هو المشروع، لان مقام التشريع يناسب بيان المشروع، فالاكتفاء في بيانه بذكر العنوان ظاهر في الاكتفاء به على إطلاقه.
وأما ما نظر له به من قول الطبيب للمريض في غير وقت الحاجة: (لا بد لك من شرب الدواء أو المسهل) وقول المولى لعبده: (يجب عليك السفر غدا) حيث لا مجال للتمسك فيها بإطلاق الدواء والمسهل والسفر من شرح لها وبيان خصوصياتها المطلوبة.
فهو إنما يسلم في مثل الدواء لقرينة خاصة مانعة من احتمال تعلق الغرض بصرف ماهيته، كما يقتضيه الاطلاق، للعلم باختلاف أفراده في سنخ الأثر، وتضاد كثير من آثارها، وعدم مناسبة كل مرض إلا لبعضها، دون مثل المسهل مما له جهة خاصة يمكن تعلق الغرض بها من دون فرق بين خصوصياتها، وكذا السفر، حيث يمكن تعلق الغرض بمفارقة الوطن هربا من ظالم أو تخلصا من تكليف لازم أو نحوهما.