والخلاصة: أن كلمات الفلاسفة متفقة على أن الإرادة علة تامة للفعل بقاعدة أن الممكن ما لم يجب وجوده بالغير لم يوجد، ولنأخذ بنقد هذه النظرية على ضوء دراسة نقطتين:
الأولى: أن الإرادة مهما بلغت لا يمكن أن تكون علة تامة للفعل.
الثانية: أن الأفعال الاختيارية بكافة أنواعها مرتبطة بسلطنة الفاعل وقدرته لا بإرادته بلا فرق في ذلك بين فعله تعالى وفعل العبد.
أما النقطة الأولى: فهي مدروسة حسا ووجدانا.
أما الأول فلان من المحسوس والمشاهد خارجا في مختلف الموارد والمناسبات أن الفعل يصدر من الانسان بدون وجود إرادة في أفق نفسه أو كانت ولكنها لم تبلغ حدها التام بل قد يكون صدوره منه مع أن الموجود في نفسه الكراهة دون الإرادة، فان كل ذلك يكشف كشفا جزميا عن أن وجود الفعل في الخارج وصدوره من الانسان غير منوط بالإرادة إناطة المعلول بالعلة التامة.
وأما الثاني فلان الفطرة السليمة الوجدانية لكل فرد حاكمة بأن ارادته مهما بلغت ذروتها من القوة والشدة لعوامل نفسية داخلية أو خارجية فلا تترتب عليها حركة العضلات قهرا ترتب المعلول على العلة التامة، بل أمرها بيده وجودا وعدما وتحت قدرته وسلطنته، ولا تخرج بسبب وجود الإرادة في نفسه عن حد الامكان والتعادل إلى حد الوجوب والضرورة لكي تخرج بذلك عن تحت قدرته.
وإن شئت قلت أن كل فرد إذا راجع وجدانه وفطرته السليمة في أعماق نفسه وصميم كيانه حتى الأشعري، يدرك الفرق بين حركة يد المرتعش وحركة يد