مشيئة ذاتية وهي عين ذاته المقدسة كبقية صفاته الذاتية فالمشيئة الواجبة عين الواجب تعالى، ومشيئة فعلية وهي عين الوجود الاطلاقي المنبسط على الماهيات، والمراد من المشيئة في هذه الرواية وغيرها هو المشيئة الفعلية التي هي عين الوجود المنبسط والوجود الاطلاقي، وعلى هذا فمعنى الحديث الشريف هو أن موجودية الوجود المنبسط بنفسها لا بوجود آخر، وأما موجودية سائر الأشياء في النظام الجملي التسلسلي فإنما هي بالوجود المنبسط وهو فعله الأول الاطلاقي (1).
وغير خفي أن هذا التفسير منه (قدس سره) مبني على نظرية الفلاسفة القائلة بتوحيد الفعل على أساس مبدأ التناسب والسنخية بين ذاته المريدة بين الأشياء، وحيث أن هذا المبدأ غير متوفر بين ذاته المقدسة المريدة بين الأشياء بكافة أشكالها المادية، فلذلك التزموا بالنظام الجملي الطولي وأن الصادر الأول منه تعالى هو الوجود الصرف المعبر عنه تارة بالوجود المنبسط وأخرى بالوجود الاطلاقي الذي لا قيد له. وفيه أنه لا أساس لما أفاده (قدس سره) من التفسير لأنه مبني على أن تكون لله تعالى إرادتان:
إرادة ذاتية وهي العلة التامة للأشياء وفعلية، ولكن قد تقدم أنه لا يمكن أن تكون ارادته ذاتية، وعلى تقدير تسليم أنها ذاتية فلا يمكن أن تكون علة لفعله تعالى كما مر، بل العلة له سلطنته المطلقة التامة على الأشياء بنسبة واحدة بالنسبة إلى كلا طرفيها من الوجود والعدم، ومن هنا يظهر أن نظرية الفلاسفة التي ترتكز على علية ذاته المقدسة المريدة التامة من جميع الجهات على أساس مبدأ التناسب والسنخية بين العلة والمعلول، تستلزم نفي القدرة الأزلية عن الله