محاسبة العبد على أفعاله والعقاب عليه فإنه كعقاب المرتعش على حركة يده، بل يلزم من ذلك لغوية التكليف نهائيا بمعنى أن ارسال الرسل وإنزال الكتب وتبليغ الأحكام لغو وبلا فائدة هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الإرادة في نفسها لا تصلح أن تكون علة تامة للفعل، وذلك لأن وجدان كل فرد تدرك بالضرورة أن الإرادة مهما بلغت من القوة والشدة في النفس كما وكيفا لم تترتب عليها حركة العضلات قهرا وبالضرورة كحركة يد المرتعش أو اصفرار وجه الخائف عند الخوف، وهذا غير قابل للمناقشة هذا من جهة، ومن جهة ثانية قد تتحرك العضلات نحو الفعل وإيجاده في الخارج رغم عدم وجود الإرادة في النفس بل قد يكون الموجود فيها الكراهة بديلة عنها، ونتيجة هاتين الجهتين أن صدور الفعل من الانسان لا يمكن أن يتبع وجود الإرادة في النفس كتبعية المعلول لوجود العلة، ومن هنا فالصحيح في المسألة هو ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) (1) وأوضحه السيد الأستاذ (قدس سره) (2) من أن هناك شيئا آخر غير الإرادة والفعل مرتبط به وهو السلطنة والاختيار، فان سلطنة الانسان واختياره على أفعاله أمر وجداني تدركه الفطرة السليمة وهي تكفي لتحقق الفعل في الخارج كانت هناك إرادة في النفس أم لا، ولا يمكن فرض احتياجها في ذلك إلى ضم مقدمة أخرى إليها وإلا لتخرج السلطنة عن كونها سلطنة وهو خلف.
وبكلمة، أن إسناد وجود الفعل إلى السلطنة وصدوره منها ليس معناه تخصيص مبدأ العلية بغير الفعل الاختياري وتحديده، بداهة أنه لا يمكن تحديده،