من الالتزام بكون ارادته تعالى عين ذاته حتى تكون أفعاله الاختيارية مسبوقة بها وإلا كانت قسرية لا إرادية اختيارية.
الثاني: أن مبدأ العلية مبدأ عام في الكون وإنه من القضايا الأولية الفطرية، وسر حاجة الشئ إلى هذا المبدأ امكانه الوجودي وفقره الذاتي، وعلى هذا الأساس فامكان الفعل الاختياري عين ارتباطه الوجودي بعلته وفقره الذاتي إليها وهي الإرادة ولا يمكن فرض تحققه ووجوده بدونها وإلا لزم خروجه واستغنائه عن مبدأ العلية وهو كما ترى هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان ارادته تعالى وتقدس حيث أنها عين ذاته، فنتيجة ذلك أن ذاته المريدة هي العلة التامة للأشياء وتكوينها خارجا، باعتبار أن فاعليته تعالى لما كانت منزهة عن جميع شوائب الامكان وكافة جهات النقصان والقوة فهي فعلية من كل الجهات ومساوقة لسد تمام أبواب العدم، فإذا كانت فاعليته في مرتبة ذاته تامة ومطلقة فيستحيل انفكاك الأشياء عنها كاستحالة انفكاك المعلول عن العلة التامة، أو فقل أنه تعالى فاعل بنفس ذاته العليمة المريدة، فلذلك تكون فاعليته من أتم مراتب الفاعلية، باعتبار أنه صرف الوجود وصرف الإرادة ومنزه عن جميع شوائب النقص والامكان. وأما في الانسان فإرادته التي هي مرتبة خاصة من الشوق المؤكد علة تامة لفعله في الخارج، لأنها إذا تحققت ترتب عليها تحريك العضلات قهرا نحو إيجاد الفعل، وحينئذ فيستحيل انفكاكه عنها كاستحالة انفكاك المعلول عن العلة التامة.
الثالث: أنه لا يوجد هناك شيء آخر بديلا عن الإرادة يصلح أن يكون علة للفعل، اما العلم فهو لا يصلح أن يكون علة لوجود المعلوم في الخارج لأنه كاشف عنه وكذلك القدرة، فاذن بطبيعة الحال أن ما يصلح أن يكون علة للفعل