كله، مع أن مفهوم الإرادة مغاير لمفهوم العلم ومفهوم الذات وسائر الصفات، وليس مفهوم الإرادة العلم بالنظام الأصلح الكامل التام كما فسرها بذلك المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، ضرورة أن رجوع صفة ذاتية إلى ذاته تعالى وتقدس وإلى صفة أخرى كذلك إنما هو في المصداق لا في المفهوم، لما عرفت من أن مفهوم كل واحد منها غير مفهوم الآخر، ومن هنا قال الأكابر من الفلاسفة أن مفهوم الإرادة هو الابتهاج والرضا أو ما يقاربهما معنى لا العلم بالصلاح والنظام ويعبر عنه بالشوق الأكيد فينا، والسر في التعبير عن الإرادة فينا بالشوق المؤكد وبصرف الابتهاج والرضا فيه تعالى هوانا لمكان إمكاننا ناقصون في الفاعلية وفاعليتنا لكل شيء بالقوة، فلذا نحتاج في الخروج من القوة إلى الفعل إلى مقدمات زائدة على ذواتنا من تصور الفعل والتصديق بفائدته والشوق الأكيد، فيكون الجميع محركا للقوة الفاعلة المحركة للعضلات وهذا بخلاف الواجب تعالى، فإنه لتقدسه عن شوائب الامكان وجهات القوة والنقصان فاعل بنفس ذاته العليمة المريدة، وحيث أنه صرف الوجود وصرف الخير مبتهج بذاته أتم الابتهاج وذاته مرضي لذاته أتم الرضا، وينبعث من هذا الابتهاج الذاتي وهو الإرادة الذاتية ابتهاج في مرحلة الفعل، فان من أحب شيئا أحب اثاره وهذه المحبة الفعلية هي الإرادة في مرحلة الفعل وهي التي وردت الاخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) (1). ما أفاده (قدس سره) في هذا النص أمور:
الأول: أن مفهوم الإرادة بالحمل الأولي الذاتي هو الرضا والابتهاج وهو غير مفهوم العلم، فان مفهومه انكشاف الواقع فلا يصح تفسير أحدهما بالآخر وإن كان مطابقهما واحدا بالذات وهو ذاته تعالى.