إلى هنا قد تبين أنه يصح اطلاق النائم والمائت والقائم والمتحرك والساكن وغيرها على من حل فيه المبدأ وقام به قيام الحال بالمحل والصفة بالموصوف، ولا يصح اطلاقها على من صدر منه المبدأ كاطلاق المائت والنائم على فاعل النوم أو الموت، وهذا بخلاف مثل القاتل والضارب ونحوهما فإنه لا يصح اطلاقها على من حل فيه المبدأ وإنما يصح على من صدر منه المبدأ يعني الفاعل، وهذا الفرق لخصوصية في المبدأ لا في الهيئة، وبعد ذلك نقول أنه لا شبهة في أن المتكلم من الصفات الفعلية دون الذاتية، فان المبدأ فيه قائم بالذات بنحو الصدور أي قيام الفعل بالفاعل، وقد مر أن هذه الخصوصية إنما جاءت من قبل المبدأ لا الهيئة، وعلى هذا الأساس فهيئة المتكلم منتزعة من قيام التكلم بالذات بنحو الايجاد والصدور وهي تدل على ذلك، واما خصوصية أنه بنحو الصدور أو الحلول فهي من خصوصية المبدأ، وعليه فحيث أن مبدأ المتكلم يقتضي أن يكون قيامه بالذات بنحو الصدور والإيجاد فهو منشأ لانتزاع هذا العنوان لا قيامه بها بنحو الحلول، هذا هو الفرق بين الهيئات الاشتقاقية مثل القاتل والضارب والناصر والخالق والرازق والمتكلم وما شابه ذلك والهيئات الاشتقاقية مثل المائت والنائم والمتحرك والساكن والقائم والجالس وما شاكل ذلك هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الأشاعرة قد أخطأوا في نقطتين:
الأولى: في عدم الفرق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية، حيث جعلوا جميع صفاته تعالى من الصفات الذاتية بلا فرق بين صفة وصفة.
الثانية: في التزامهم بأن تمام صفاته تعالى قديمة زائدة على ذاته المقدسة وقائمة بها قيام الصفة بالموصوف، لاستحالة كونها حادثة وإلا لزم كون ذاته محلا للحوادث.