ملاكها، وإن أراد (قدس سره) بها أن قصد القربة معتبر في استحقاق المثوبة وبدونه فلا مثوبة، ففيه أن الأمر وإن كان كذلك إلا أن محل الكلام ليس في ذلك وإنما هو في اعتباره في صحة المأمور به وعدم حصول الغرض منه بدونه، وقد عرفت أنه ليس بامكان العقل الحكم بذلك. وإن أراد (قدس سره) بها أن العقل يحكم بذلك في موارد الشك في دخله في حصول الغرض على أساس قاعدة الاشتغال، بتقريب أن المقام ليس من موارد قاعدة البراءة، اما البراءة العقلية فلأن الشك هنا ليس في الواجب قلة وكثرة، لأن الواجب معلوم بتمام أجزائه وشروطه والشك انما هو في حصول الغرض بمجرد الاتيان به بدون قصد القربة، فيكون المقام من قبيل الشك في المحصل والمرجع فيه قاعدة الاشتغال، وأما البراءة الشرعية فلأن الشك هنا ليس في جزئيه شيء لواجب أو شرطية آخر شرعا لكي نرجع إليها، بل الشك في المقام انما هو في حصول الغرض بالاتيان بالواجب بكامل أجزائه وشروطه بدون قصد القربة، فيكون كالشك في المحصل والمرجع فيه قاعدة الاشتغال.
فيرد عليه أولا، أنه لا طريق لنا إلى الملاك والغرض في الواقع إلا من ناحية الأمر، فإذا كان الأمر متعلقا بفعل كان كاشفا عن وجود الملاك فيه، وفي المقام بما أنه تعلق بذات الفعل بدون تقييده بقصد القربة فهو يكشف عن وجود مصلحة فيه، وعلى هذا فلو شك في تحقق الغرض من جهة احتمال أن قصد القربة دخيل فيه، كان على المولى بيان ذلك ولو بجملة خبرية، فإن أخذه في متعلق الأمر لا يمكن، وأما بيان اعتباره ودخله في الملاك بطريق آخر فهو بمكان من الامكان، ومع ذلك فإذا لم يقم بيان عليه من قبل المولى، فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، بل لا مانع من الرجوع إلى البراءة الشرعية أيضا.
فالنتيجة، في نهاية المطاف أن ما اختاره المحقق الخراساني (قدس سره) في المقام لا يرجع