والواجب التوصلي إنما هو في المتعلق، فإنه في الأول حصة خاصة من الفعل وهي الحصة المقيدة بقصد القربة، وفي الثاني ذات الفعل هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أنه لو لم يكن فرق بينهما في المتعلق فلابد من الالتزام بسقوط الأمر عند الاتيان بمتعلقه، بداهة أنه لا يعقل بقاء الأمر بعد تحقق متعلقه في الخارج، وإلا لزم طلب الحاصل وهو محال.
وإن شئت قلت أن الأمر المتعلق بطبيعي الفعل لا محالة يسقط بتحققه في الخارج، على أساس أن المطلوب منه صرف وجوده وهو يتحقق بأول الوجود.
وعليه فلا يعقل بقاء الأمر المتعلق به وإلا لزم طلب الحاصل، وأما إفتراض أمر آخر فهو وإن كان معقولا إلا أن متعلقه الوجود الثاني، فإنه إذا تغير تغير الأمر أيضا فلا يعقل بقاء الأمر الأول.
فالنتيجة، أن ما أفاده (قدس سره) من أن سقوط الأمر يدور مدار حصول الغرض دون تحقق متعلقه فلا يمكن المساعدة عليه، لأن بقائه بعد تحقق متعلقه غير معقول وإلا لزم طلب الحاصل، نعم إذا لم يحصل الغرض منه كان ذلك كاشفا عن بقاء طبيعي الأمر لا شخصه.
فالنتيجة أن الفرق بين الواجب التعبدي والتوصلي إنما هو في المتعلق.
وأما النقطة الثالثة، فإن أراد بها أن العقل يدرك دخل قصد القربة في ملاك الواجب العبادي وأنه لا يترتب عليه في الخارج إلا مع قصد القربة، فيرد عليه أنه مبني على أن يكون للعقل طريق إلى ملاكات الأحكام الشرعية وإحرازها وهذا مقطوع البطلان ومخالف للوجدان، ضرورة أنه لا طريق له إليها، وعلى ذلك فليس بامكان العقل الحكم بأن قصد القربة معتبر في العبادات ودخيل في