على جواز تركه (1).
ولنأخذ بالنقد عليه إما أولا: فلما تقدم من أن الأمر يدل مادة وهيئة على الوجوب بالوضع ويكون هو المتبادر والمنسبق منه عند الاطلاق ارتكازا وفطرة هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، أن الأمر لم يوضع لا مادة ولا هيئة للدلالة على قصد ابراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج، لأن ذلك مبني على مسلك التعهد في باب الوضع، وقد تقدم نقد هذا المسلك بما لا مزيد عليه.
وثانيا: أنه إن أريد من حكم العقل بالوجوب ادراكه ذلك نظريا فهو لا يمكن، ضرورة أنه لا طريق للعقل إلى الأحكام الشرعية وما لها من الملاكات والمبادئ، فلولا النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لم يكن بامكان العقل ادراك شيء من الأحكام الشرعية من طريق ادراك مبادئها.
وإن أريد من ذلك أن العقل ينتزع الوجوب من اعتبار المولى الفعل على ذمة المكلف، بتقريب أن الأمر الصادر من الشارع يدل على اعتباره الفعل على ذمته ولا يدل على أكثر من ذلك، ولكن العقل ينتزع الوجوب منه ما لم تكن هناك قرينة على الترخيص في الترك.
فيرد عليه أولا: ما عرفت من أن الأمر لم يوضع للدلالة على ابراز اعتبار الفعل على ذمة المكلف.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أنه موضوع لذلك، إلا أن حكم العقل بالوجوب وانتزاعه منه منوط باحراز ملاكه في مرحلة المبادئ ولا طريق