والجواب أولا: أن الوجوب ليس مركبا من الأمر الوجودي والأمر العدمي بل هو أمر بسيط. نعم، أن لازمه عدم الترخيص في الترك لا أنه جزئه.
وثانيا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أنه مركب، إلا أنه مركب من طلب الفعل والمنع عن الترك، فيكون القيد وجوديا لا عدميا، وعليه فلا فرق بين الوجوب والاستحباب من هذه الناحية.
وقد يستدل على ذلك بأن صيغة الأمر تدل على الارسال والدفع بنحو المعنى الحرفي، ولما كان الارسال والدفع مساوقا لسد تمام أبواب العدم للتحرك والاندفاع، فمقتضى إصالة التطابق بين المدلول التصوري والمدلول التصديقي أن الطلب والحكم المبرز بالصيغة سنخ حكم يشتمل على سد تمام أبواب العدم.
ويمكن المناقشة فيه بأن هذا التقريب لا يختص بصيغة الأمر بل يجري في مادته أيضا، لأن مادة الأمر وإن لم توضع للنسبة الإرسالية والطلبية، باعتبار أن معناها معنى اسمي وليس بحرفي، إلا أنها موضوعة للطلب بالمعنى الاسمي، ولكن الدفع والتحرك والارسال لازم للطلب المذكور، فاذن تدل المادة على الطلب بالمطابقة وعلى الدفع والارسال بالالتزام وهو مساوق لسد تمام أبواب العدم للتحرك والاندفاع، وحيث أن أصالة التطابق لا تختص بالمدلول المطابقي بل تجري في المدلول الالتزامي أيضا، فيكون الطلب والحكم المبرز بالمادة سنخ حكم يشتمل على سد تمام أبواب العدم.
هذا إضافة إلى أن ما فرض في هذا التقريب من أن الدفع والارسال مساوق لسد تمام أبواب العدم للاندفاع والتحرك قابل للمناقشة، لأن الدفع والارسال جامع بين حصة مساوقة للوجوب وحصة مساوقة للاستحباب، فما هو مساوق لسد تمام أبواب العدم هو الحصة الأولى دون الجامع، فاذن تمامية هذا التقريب