موارد الجمع العرفي بين الأدلة، واعتبار التعارض بين العام والخاص من التعارض غير المستقر، على أساس أن الدليل الخاص بمقتضى الارتكاز العرفي الفطري قرينة على تحديد المراد الجدي من العام، هذا بناء على المشهور من أن مفاد الأمر الوجوب مادة وهيئة، وأما بناء على ما ذكره السيد الأستاذ والمحقق النائيني (قدس سرهما) من عدم دلالة الأمر على الوجوب فلا تنافي بين الجملتين المذكورتين هما العام والخاص لكي تكون الجملة الأولى قرينة على تخصيص الثانية، باعتبار أن الأمر في الأولي لا يدل إلا على الطلب فقط وهو لا ينافي الترخيص في الترك في الثانية، بل المتعين على هذا المسلك أن تكون الجملة الثانية (العام) رافعة لموضوع حكم العقل بالوجوب في الجملة الأولى، على أساس أن حكمه بالوجوب معلق على عدم ورود الترخيص في الترك من المولى، والمفروض في المقام قد ورد الترخيص في الترك في إطار العام، مع أنه ليس بامكان أحد من الفقهاء الالتزام بهذا اللازم حتى المحقق النائيني والسيد الأستاذ (قدس سرهما) (1).
ولكن يمكن المناقشة في هذا الاشكال بتقريب أن حكم العقل بوجوب امتثال الأمر الوارد من المولى وإن كان معلقا على عدم ورود الترخيص في الترك من قبل المولى، إلا أن ذلك إنما هو فيما إذا كان الترخيص فيه واردا من قبله في إطار القرينة، بحيث يرى العرف عدم امكان حمل الأمر على الوجوب معها، فان مثل هذا الترخيص يمنع عن حكم العقل بوجوب الامتثال تأمينا للعقوبة بارتفاع موضوعه، وأما إذا لم يكن الترخيص في الترك في إطار القرينة بأن يكون في إطار الدليل العام كما في مثل المثال، فالظاهر أنه لا يمنع عن حكم العقل بالوجوب ولزوم الامتثال دفعا لاحتمال العقاب، لأن الظاهر أنه غير معلق على الترخيص