النفس بعد وجوده في الخارج، إذ لا يعقل بقاء الإرادة بعد تحقق المراد، وإلا لزم الخلف.
فإذن لا محالة يكون متعلق الإرادة والأمر هو الفعل بوجوده الذهني الفاني، والفرض أنه متقدم على الإرادة والأمر معا، فما هو متأخر عنهما هو الفعل بوجوده الخارجي، هذا إضافة إلى أن ما هو منشأ الإرادة محبوبية الفعل أو اشتماله على الملاك، وما هو متعلق هذه الإرادة ومعلولها هو إيجاد الفعل بقصد المحبوبية أو الاشتمال على الملاك في الخارج.
ومن هنا يظهر أن ما أجاب به السيد الأستاذ (قدس سره) من أن هناك فردان من الإرادة والاختيار. أحدهما متعلق بالفعل بوجوده الذهني والآخر متعلق بالفعل بوجوده الخارجي، لا يمكن المساعدة عليه (1)، لما عرفت من أنه لا يمكن تعلق الإرادة بالفعل الخارجي.
وثالثا أن الاشكال لو تم فإنما يتم في الإرادة الشخصية، حيث أنها لا تعقل أن تكون سببا لما تنبعث منه، فإن معنى ذلك أنها متقدمة عليه رتبة، ومعنى أنها منبعثة منه أنها متأخرة عنه رتبة، ولا زم ذلك تقدمها على نفسها وهو كما ترى.
وأما إذا فرضنا أن هناك فردين من الإرادة:
الأول منبعث من الدواع المذكورة ومتعلق بالفعل المحبوب مثلا.
والثاني علة لها ولم ينبعث عنها، وإنما انبعث من سبب آخر كالخوف من العقاب والطمع في الثواب ومتعلق بإيجاد الفعل بهذه الدواعي، فإذن لا محذور.
فالنتيجة، أنه لا مانع من أخذ سائر الدواع القريبة في العبادات.