الاشكال الثاني، أن قصد المصلحة في متعلق الأمر كالصلاة مثلا يتوقف على ترتبها على ذات الصلاة بقطع النظر عن اعتبار قصد المصلحة فيها، والمفروض أنه لو كان مأخوذا فيها لكان دخيلا في ترتبها عليها فإذن يلزم الدور، وذلك لأن قصد المصلحة في متعلق الأمر يتوقف على وجودها فيه وترتبها عليه، والمفروض أنه يتوقف على قصدها (1).
والجواب: أن هذا الاشكال أيضا مبني على الخلط بين المصلحة بوجودها الذهني والمصلحة بوجودها الخارجي، فإن ما يتوقف عليه القصد هو المصلحة بوجودها الذهني والفرض أنها بهذا الوجود لا تتوقف على القصد، وما يتوقف عليه هو المصلحة بوجودها الخارجي، فإذن لا دور، فإن ما يتوقف عليه القصد غير ما يتوقف على القصد، وإن شئت قلت أن المأخوذ في متعلق الأمر قصد مفهوم المصلحة وعنوانها الفاني الذي لا موطن له إلا الذهن، فإن المولى إذا تصور الصلاة مثلا بما لها من الأجزاء والشروط منها قصد مصلحتها وأمر بها، كان أمره متعلقا بالأجزاء بوجوداتها الذهنية الفانية لا بوجوداتها الخارجية لأنها مسقط للأمر فكيف يعقل تعلق الأمر بها، وعلى هذا فالقصد يتوقف على المصلحة بوجودها الذهني وهي لا تتوقف على القصد، فإن المتوقف عليه هو المصلحة بوجودها الخارجي وترتبها عليها، غاية الأمر أن هذا الجزء وهو قصد المصلحة يتحقق بنفس قصد المكلف حين الامتثال والاتيان بالمأمور به، ولا مانع من أن يكون الواجب مركبا من جزئين طوليين، أحدهما جزء خارجي له ما بإزاء في الخارج والآخر جزء ذهني وليس له ما بإزاء فيه، وإنما يتحقق ويوجد بنفس قصد المكلف حين الامتثال ولا محذور فيه، حيث لا يلزم منه قصد قصد