ومن ناحية رابعة أن هنا اشكالين:
أحدهما من المحقق النائيني (قدس سره) وحاصل هذا الاشكال، أن الدواعي القريبة حيث إنها جميعا تكون في عرض واحد ومشترك في جامع واحد وهو إضافة العمل إلى الله سبحانه وتعالى كما يستفاد ذلك من قوله (عليه السلام): " وكان عمله بنية صالحة يقصد بها ربه " (1)، فلا يمكن أخذها في العبادة، لأنها لو أخذت فيها لكانت في عرضها، باعتبار أنها حينئذ تكون من أجزائها وقيودها ومتعلقة للإرادة، مع أن تلك الدواعي أيا منها كان فهو في مرتبة سابقة على الإرادة، لأنها تنشأ منها وهي محركة للمكلف نحو إرادة الفعل والاتيان به، فلهذا لا يمكن أخذها في العبادات بأن تكون في عرضها متعلقة للإرادة، لأن معنى ذلك أنها متأخرة عن الإرادة مع أنها متقدمة عليها رتبة لأنها علة لها، فلو أخذت في متعلق الأمر لزم تقدم الشئ على نفسه وهو محال، فإذا لم يمكن وقوعها حيز الإرادة التكوينية لم يمكن وقوعها حيز الإرادة التشريعية أيضا، لأن متعلقها بعينه هو متعلق الإرادة التكوينية، فإذا امتنع تعلق الإرادة التكوينية بشيء امتنع تعلق الإرادة التشريعية به أيضا، وذلك لأن امتناع تعلق الإرادة التكوينية بشيء إما من جهة خروج ذلك الشئ عن القدرة أو من جهة أنه لا مقتضى فيه لإرادته، وعلى كلا التقديرين لا يمكن تعلق الإرادة التشريعية به أيضا بنفس الملاك.
والخلاصة: أن تلك الدواعي حيث أنها كانت علة لحدوث الإرادة في النفس تكون متقدمة عليها رتبة، فلو فرضنا أنها متعلقة للإرادة كالفعل وتوجد بها،