فرضنا أن المأخوذ في الصلاة هو قصدها، فلازم ذلك أن المصلي إذا أتى بها بقصد أمرها لا بقصد محبوبيتها لم تصح، لأنه لم يأت بالصلاة المأمور بها هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الاتيان بالفعل بداع الملاك الكامن فيه إن كان بعنوان أنه داع للمولى إلى الأمر به والإرادة له، فهو من الدواع القربية وموجب لإضافة العمل إليه، وإن كان بعنوان أنه فائدة مترتبة على الفعل ويعود إلى العبد، فلا يكون من العناوين المقربة، إلا أن يقال أن الاتيان بالفعل بهذا العنوان أيضا محبوب لله تعالى، ولكن حينئذ تكون مقربيته من جهة المحبوبية لا من جهة الملاك والفائدة.
والخلاصة، أن كل عنوان يكون حسنه علة لحسن الفعل، فهو يصلح أن يكون مقربا بنفسه، وكل عنوان يكون حسنه متفرعا على حسن الفعل في المرتبة السابقة، فهو لا يصلح أن يكون مقربا بنفسه إلا بمقربية الفعل كعنوان الشكر والخضوع والثواب والفرار من العقاب وغير ذلك، فإن حسن هذه العناوين متفرع على أن يكون الفعل في المرتبة السابقة حسنا ومصداقا للشكر والخضوع وموجبا للثواب، والجامع أن يكون مرتبطا بالمولى بنحو من أنحاء الارتباط.
ومن ناحية ثالثة، أن المأخوذ في العبادات هو الجامع بين الدواعي القريبة، يعني إضافة الفعل إلى المولى سبحانه، سواء كانت بقصد الأمر أو المحبوبية أو المصلحة أو غير ذلك، ولا خصوصية لشيء من هذه الدواعي، فإن المعيار هو الاتيان بالفعل بقصد التقرب إليه تعالى، والمعتبر فيه أمران:
الأول: أن يكون الفعل صالحا للتقرب في نفسه.
الثاني: أن يؤتى به بداعي التقرب أي مضافا إلى المولى.