كان كذلك فلا يمكن تعلق الأمر به.
نعم، لو توقف ترك الحرام خارجا على الإتيان بفعل ما للملازمة بين ترك هذا الفعل والوقوع في الحرام وجب الإتيان به عقلا، وأما شرعا فلا، لعدم الدليل على سراية الحكم من متعلقه إلى ملازماته الخارجية.
ونظير ذلك ما تقدم في بحث مقدمة الواجب: من أن الإتيان بالمقدمة إذا كان علة تامة للوقوع في الحرام من دون أن يتوسط بين المقدمة وذيها إرادة واختيار للفاعل وجب تركها عقلا لا شرعا، لعدم الدليل على حرمة تلك المقدمة، لا حرمة نفسية ولا حرمة غيرية (1).
أما الحرمة النفسية: فلأن المتصف بها إنما هو المسبب، لأنه مقدور للمكلف بواسطة القدرة على مقدمته، ومن الظاهر أنه لا فرق في المقدور بين كونه بلا واسطة أو معها، ووجوب وجوده وضرورته من قبل الإتيان بمقدمته لا يضر بتعلق التكليف به، لأنه وجوب بالاختيار فلا ينافي الاختيار.
إذا لا وجه لصرف النهي المتعلق بالمعلول إلى علته كما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) بدعوى: أن العلة مقدورة دون المعلول (2)، ضرورة أن المقدور بالواسطة مقدور، والمعلول وإن لم يكن مقدورا ابتداء إلا أنه مقدور بواسطة القدرة على علته، وهذا يكفي في صحة تعلق النهي به.
وأما الحرمة الغيرية: فقد تقدم: أنه لا دليل عليها، لأن ثبوتها يبتنى على ثبوت الملازمة، وقد سبق أن الملازمة لم تثبت (3).
وبتعبير آخر: لا شبهة في أن مراد القائل بأن المتلازمين لابد أن يكونا متوافقين في الحكم: ليس توافقهما في الإرادة بمعنى الشوق المؤكد، ولا بمعنى إعمال القدرة، فإن الإرادة بالمعنى الأول من الصفات النفسانية، وليست من سنخ الأحكام في شئ. وبالمعنى الثاني - وهو إعمال القدرة في شئ - يستحيل أن