النظرية مبنية على أساس على عدم فهم معنى العلية فهما صحيحا وتحديد حاجة الأشياء إلى العلة في إطار خاص ونطاق مخصوص لا يطابق مع الواقع.
الثانية: صحة نظرية " أن سر الحاجة إلى العلة هو إمكان الوجود "، فإن تلك النظرية قد ارتكزت على أساس فهم معنى العلية فهما صحيحا مطابقا للواقع، وأن حاجة الأشياء إلى المبدأ كامنة في صميم وجودها، فلا يمكن أن نتصور وجودا متحررا عن ذلك المبدأ.
وقد تلخص: أن الأشياء - بشتى ألوانها وأشكالها - خاضعة للمبدأ الأول خضوعا ذاتيا، وهذا لا ينافي أن يكون تكوينها وإيجادها بمشيئة الله تعالى وإعمال قدرته كما فصلنا الحديث - من هذه الناحية - في بحث الطلب والإرادة (1).
وقد وضعنا هناك الحجر الأساس للفرق بين زاوية الأفعال الاختيارية وزاوية المعاليل الطبيعية.
ثم إنا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا صحة نظرية " أن منشأ الحاجة هو الحدوث في الموجودات التكوينية "، وأنها تملك حريتها في البقاء ولا تخضع لمبدء إلا أنها بديهية البطلان في الأفعال الاختيارية التي هي محل الكلام في المسألة، ضرورة أن الفعل الاختياري يستحيل بقاؤه بعد ارتفاع الإرادة والاختيار، إذا لا وجه للتفصيل بين الضد الموجود والمعدوم.
ويجدر بنا أن نختم الحديث عن مقدمية عدم الضد للضد الآخر وعدم مقدميته، وقد عرفت استحالة مقدميته. هذا بحسب الصغرى.
وأما الكبرى - وهي وجوب مقدمة الواجب - فقد تقدم الكلام فيها، وقلنا هناك: إنه لا دليل على ثبوت الملازمة بين إيجاب شئ وإيجاب مقدمته، وما ذكروه من الأدلة على ذلك قد ناقشناها واحدا بعد واحد، بل ذكرنا هناك - مضافا إلى أن الوجدان حاكم بعدم ثبوت الملازمة بينهما - أن إيجاب المقدمة شرعا لغو