الإرادة والأفعال الخارجية، فالفعل في كل آن يحتاج إليه، ويستحيل بقاؤه بعد انعدامه وانتفائه (1).
أو فقل: إن الفعل إذا كان تابعا لإعمال قدرة الفاعل فلا محالة كان الفاعل إذا أعمل قدرته فيه تحقق في الخارج، وإن لم يعملها فيه استحال تحققه. وكذا إن استمر على إعمال القدرة فيه استمر وجوده، وإن لم يستمر عليه استحال استمراره، وهذا واضح.
وعلى الجملة: لا فرق بين حدوث الفعل الاختياري وبقائه في الحاجة إلى السبب والعلة، وهو إعمال القدرة، فإن سر الحاجة - وهو إمكانه الوجودي وفقره الذاتي - كامن في صميم ذاته ووجوده، مع أن البقاء هو الحدوث، غاية الأمر أنه حدوث ثان ووجود آخر في مقابل الوجود الأول، والحدوث هو الوجود الأول غير مسبوق بمثله، وعليه فإذا تحقق فعل في الخارج من الفاعل المختار كالتكلم - مثلا - الذي هو مضاد للسكوت، أو الحركة التي هي مضادة للسكون، أو الصلاة التي هي منافية للإزالة فهذا الفعل كما أنه في الآن الأول بحاجة إلى إعمال القدرة فيه والاختيار كذلك بحاجة إليه في الآن الثاني والثالث، وهكذا...، فلا يمكن أن نتصور استغناءه في بقائه عن الفاعل بالاختيار.
وعلى هذا الضوء لا فرق بين الضد الموجود والمعدوم، إذ كما أن تحقق كل منهما في الزمان الأول كان متوقفا على وجود مقتضيه - الاختيار وإعمال القدرة - كذلك تحققه في الزمان الثاني كان متوقفا عليه.
وقد أشرنا آنفا: أن نسبة بقاء الضد الموجود في الآن الثاني كنسبة حدوث الضد المعدوم فيه في الحاجة إلى المقتضي وفاعل ما منه الوجود، فكما أن الأول لا يتوقف على عدم الثاني فكذلك الثاني لا يتوقف على عدم الأول.
أو فقل: إن كل فعل اختياري ينحل إلى أفعال متعددة بتعدد الآنات والأزمان، فيكون في كل آن فعل صادر بالإرادة والاختيار، فلو انتفى الاختيار في زمان