الطعام فعدم الأكل يستند إلى عدم الشرط، وإذا كانت الشروط متوفرة ولكنه منع عن الأكل مانع فعدمه يستند إلى وجود المانع، وهكذا...
وبعد بيان ذلك نقول: إنه يستحيل أن يكون وجود أحد الضدين مانعا عن وجود الضد الآخر، لما سبق من أن المانع إنما يتصف بالمانعية في لحظة تحقق المقتضي مع بقية الشرائط.
ومن الواضح البين أن عند وجود أحد الضدين يستحيل ثبوت المقتضي للضد الآخر ليكون عدمه مستندا إلى وجود ضده، لا إلى عدم مقتضيه.
والوجه في ذلك: هو أن المضادة والمنافرة بين الضدين والمعلولين تستلزم المضادة والمنافرة بين مقتضييهما، فكما يستحيل اجتماع الضدين في الخارج فكذلك يستحيل اجتماع مقتضييهما فيه، لأن اقتضاء المحال محال.
أو فقل: إن عدم الضد إنما يستند إلى وجود الضد الآخر في فرض ثبوت المقتضي له، وهذا غير معقول، كيف؟ فإن لازم ذلك هو أن يمكن وجوده في عرض وجود ذلك الضد، والمفروض أنه محال، فالمقتضي له أيضا محال، بداهة أن استحالة اقتضاء المحال من الواضحات الأولية، وإلا فما فرض أنه محال لم يكن محالا، وهذا خلف.
ولنأخذ مثالا لذلك: أن وجود السواد - مثلا - في موضوع لو كان مانعا عن تحقق البياض فيه فلابد أن يكون ذلك في ظرف ثبوت المقتضي له ليكون عدمه " البياض " مستندا إلى وجود المانع وهو وجود السواد، لا إلى عدم مقتضيه.
وثبوت المقتضي له محال، وإلا لكان وجوده " البياض " في عرض وجود الضد الآخر " السواد " ممكنا، وحيث إنه محال فيستحيل ثبوت المقتضي له، لأن اقتضاء المحال محال. وعليه فإذا كان المقتضي لأحدهما موجودا فلا محالة يكون المقتضي للآخر معدوما، إذا يكون عدمه دائما مستندا إلى عدم مقتضيه، لا إلى وجود المانع.
هذا، بالإضافة إلى إرادة شخص واحد في غاية الوضوح، بداهة استحالة تحقق