ونتيجة ما ذكرناه: هي أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أن أحد الضدين إذا كان موجودا يستحيل ثبوت المقتضي له (1) لا يتم، ومنشأ ذلك: غفلته (قدس سره) عن نقطة واحدة هي: تخيل أن المقام من موارد الكبرى المتسالم عليها، وهي: أن اقتضاء المحال محال، مع أن الأمر ليس كذلك، فإن المقام أجنبي عنه، فإن اقتضاء المحال إنما يتحقق في أحد موردين:
الأول: ما إذا كان هناك شئ واحد يقتضي بذاته أمرين متنافيين في الوجود.
الثاني: ما إذا فرض هناك ثبوت المقتضي لكل من الضدين بقيد الاجتماع والتقارن، ومن الواضح أنه لا صلة لكلا الموردين بالمقام، وهو ما إذا كان هناك مقتضيان كان كل واحد منهما يقتضي شيئا مخصوصا وأثرا خاصا في نفسه بلا ربط له بالآخر. وهذا هو مراد القائلين ب " أن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده " فإنهم بعد ما تسالموا على الكبرى - وهي: وجوب مقدمة الواجب - قد نقحوا الصغرى - وهي: كون عدم أحد الضدين مقدمة للضد الآخر - بالشكل الذي بيناه، ثم أخذوا النتيجة بضم الصغرى إلى الكبرى، وهي حرمة الضد.
وأما النقطة الثالثة فيرد عليها: أن المعاندة والمنافرة بين الضدين لو سلم اقتضاؤها للتوقف المزبور فلا يسلم اقتضاؤها له بين النقيضين، إذ لا يعقل التوقف بين النقيض وعدم نقيضه، بداهة أن عدم الوجود عين العدم البديل له، فكيف يعقل توقف ذلك العدم على عدم الوجود؟ لأنه من توقف الشئ على نفسه وهو محال، مثلا: عدم الإنسان عين العدم البديل له، فلا يكاد يمكن توقف العدم البديل له على عدمه، بداهة أن توقف شئ على شئ يقتضي المغايرة والاثنينية بينهما في الوجود، فضلا عن المغايرة في المفهوم. ومن الظاهر أنه لا مغايرة بين عدم الإنسان - مثلا - والعدم البديل له، لا خارجا ولا مفهوما.
نعم، المغايرة المفهومية بين عدم العدم والوجود ثابتة، لكنه لا تغاير بينهما في الخارج، مثلا: الإنسان مغاير مفهوما مع عدم نقيضه وهو العدم البديل له، ولكنهما