المقتضي، لا من جهة وجود المانع مع ثبوت المقتضي له (1).
وعلى الفرض الثاني فلا مقتضى لكونه مانعا منه، بداهة أن مانعية المانع من جهة مضادة أثره للممنوع، فإذا فرض عدم مضادته له فلا موجب لكونه مانعا أصلا.
وقد تبين لحد الآن: أنه لا مانع من أن يكون أحد الضدين مانعا عن الآخر ليستند عدمه إليه، لا إلى عدم مقتضيه، لفرض إمكان ثبوته في نفسه، بحيث لولا وجود الضد الآخر لكان يؤثر أثره، ولكن وجوده يزاحمه في تأثيره ويمنعه عن ذلك.
مثلا: إذا فرض وجود مقتض لحركة شئ إلى طرف المشرق ووجد مقتض لحركته إلى طرف المغرب فكل من المقتضيين إنما يقتضي الحركة في نفسه إلى كل من الجانبين مع عدم ملاحظة الآخر، فعندئذ كان تأثير كل واحد منهما في الحركة إلى الجانب الخاص متوقفا على عدم المانع منه، فإذا وجدت إحدى الحركتين دون الأخرى فلا محالة يكون عدم هذه مستندا إلى وجود الحركة الأولى، لا إلى عدم مقتضيها، فإن المقتضي لها موجود على الفرض، ولولا المانع لكان يؤثر أثره، ولكن المانع - هو وجود تلك الحركة - يزاحمه في تأثيره.
على الجملة: فلا ريب في إمكان ثبوت المقتضيين في حد ذاتهما، حتى إذا كانا في موضوع واحد أو محل واحد، كإرادتين من شخص واحد، أو سببين في موضوع واحد، فضلا عما إذا كان في موضوعين أو محلين، كإرادتين من شخصين، أو سببين في موضوعين، إذ لا مانع من أن يكون في شخص واحد مقتض للقيام من جهة، ومقتض للجلوس من جهة أخرى، وكلا المقتضيين موجود في حد ذاتهما مع الغض عن الآخر، فعندئذ إذا وجد أحد الفعلين دون الآخر فعدم هذا لا محالة يكون مستندا إلى وجود ذاك، لا إلى عدم مقتضيه، لفرض أن المقتضي له موجود، وهو يؤثر أثره لولا مزاحمة المانع له.