فيه قصد التقرب، لكن لا تكون عبادة بالمعنى المساوق ل (پرستش) ضرورة أن كل فعل قربي لا ينطبق عليه عنوان العبودية، ألا ترى أنه لو أطاع أحد والديه أو السلطان بقصد التقرب إليهم لا تكون إطاعته عبارة لهم، فستر العورة والاستبراء بقصد الامر والتقرب إلى الله ليسا عبودية له، بل إطاعة لامره.
فالواجبات المعتبرة فيها القربة على قسمين: تعبدي وتقربي، فالأول ما يؤتي به لأجل عبودية الله تعالى والثناء عليه بالمعبودية كالصلاة التي (هي) أظهر مصاديقها، فإنها في الحقيقة ثناء عليه تعالى وبعنوان العبودية، بخلاف الثاني، فإن اعطاء الزكاة إطاعة له تعالى لا ثناء عليه بالمعبودية، فلا يجوز إتيان عمل بعنوان التعبد لغيره تعالى بخلاف الاتيان بعنوان التقرب.
فحينئذ نقول: المراد بالواجب التعبدي - فيما نحن فيه - هو الواجب التقربي بالمعنى الأعم من التعبدي بالمعنى المتقدم، وهو مالا يسقط الغرض بإتيانه إلا بوجه مرتبط إلى الله تعالى سوأ قصد الامتثال له أو التقرب إليه تعالى والتوصلي بخلافه، سوأ سقط الغرض بإتيانه كيف ما اتفق أو احتاج إلى قصد العنوان.
واتضح مما ذكرنا وجه الخلل في تعريف التعبدي: بأنه الذي شرع لأجل التعبد به لربه المعبر عنه بالفارسية ب (پرستش) (1)، فإن الواجبات التعبدية بالمعنى المبحوث عنه أعم مما ذكر.