الأمر الثاني في الواضع وكيفية الوضع لا شبهة في أن البشر في الأزمنة القديمة جدا كان في غاية سذاجة الحياة وبساطة المعيشة، وبحسبها كان احتياجه إلى الألفاظ محصورا محدودا، فوضعها على حسب احتياجه المحدود، ثم كلما كثر احتياجه كثرت الأوضاع واللغات، فكثرة الألفاظ والمعاني و الاحتياجات في الحال الحاضر لا تدل على أن الواضع هو الله تعالى أو بوحيه و إلهامه، بل الواضع هو البشر، لا شخص واحد، بل أشخاص كثيرة في مر الدهور وتمادي الأزمنة، فما صدر عن بعض الأعاظم (1) في المقام مما لا ينبغي أن يصغى إليه.
كما أنه لا إشكال في عدم العلاقة الذاتية بين الألفاظ والمعاني: (أما) قبل الجعل فهو واضح.