(زيد - الحاصل في ذهنك الان بقولي - معلومك بالذات)، ففي مثله يكون تحقق الموضوع في ذهنه بالايجاد، فالاستعمال إيجادي لا لمعنى اللفظ بل لصورته، وبهذا يفترق عن الاستعمالات الايجادية التي مرت في باب الحروف، ولو سمي هذا إلقاء فلا مانع منه بعد وضوح الامر.
إطلاق اللفظ وإرادة نوعه:
وأما إطلاق اللفظ وإرادة نوعه وصنفه فهو - أيضا - من قبيل الاستعمال في المعنى الغير الموضوع له، فيكون اللفظ الصادر من المتكلم بواسطة القرينة أو المناسبة بين الحكم والموضوع حاكيا عن نوعه و صنفه ودالا عليهما إذ ليس معنى الدلالة والحكاية إلا كون الشئ بحيث يفهم منه المعنى، فاللفظ آلة للتوسل إلى إفهام نفس الطبيعة أو صنف منها بتوسط إيجاد الصورة في الذهن، فإذا قال: (ضرب فعل ماض) ينتقل المخاطب من لفظه المتصور بتبع صورته إلى طبيعي اللفظ، وليس هذا إلا استعمال اللفظ في المعنى، لكن المعنى ليس الموضوع له بل طبيعي اللفظ.
وما قد يقال: إنه من قبيل الالقاء لا الاستعمال، فإن السامع لما كان حين سماعه لفظ (ضرب) يحصل في ذهنه صورة مع الغفلة عن تشخصاتها الزمانية والمكانية والصدورية وغيرها، فتكون كلية، فإذا بقيت الصورة على حالها تكون من قبيل إلقاء الكلي الطبيعي، و إذا قيدها بدال آخر ويحكم على صنفه يكون من إلقاء الصنف، بل يمكن أن يقال: إن المتكلم بعد إلقائه