الله تعالى أجر عمله، ولا يجوز له تعالى التخلف عنه عقلا، والعاصي مستحقا للعقوبة، لكن يجوز له العفو.
ثم إنه - بناء على المسلك الأول - يكون الاستحقاق واللا استحقاق بمعنى غير ما هو المعروف لدى الناس، وأما بناء على جعلية الثواب فلا إشكال في قبح تخلفه بعد الجعل، للزوم الكذب لو أخبر عنه مع علمه بالتخلف، وتخلف الوعد والعهد مع الانشاء، وقبحهما و امتناعهما عليه تعالى واضحان، ولا كلام فيهما.
وإنما الكلام في أن إطاعة أوامره تعالى هل توجب الاستحقاق، أولا، و يكون الاعطاء على سبيل التفضل؟ والحق: أن من عرف مقامه تعالى ونسبته إلى الخلق ونسبة الخلق إليه، وتأمل في قوى العبد و أعضائه ونسبتهما إلى بارئهما - جل شأنه - لا يتفوه:
بأن صرف بعض نعمه في طريق طاعته تعالى موجب للاستحقاق، و الأولى إيكال هذه المباحث إلى أهلها ومحلها.
في استحقاق الثواب على الواجب الغيري:
ثم إنه بعد البناء على الاستحقاق في الواجبات النفسية، هل يكون الواجب الغيري مثلها فيه أم لا؟ وأما بناء على المسلك الأول - من كون الثواب والعقاب من قبيل اللوازم والتمثلات الملكوتية - فالعلم بخصوصياتها وتناسب الافعال وصورها الغيبية