لم ترتبط الجواهر بالاعراض في الخارج، ولا الصور المعقولة الاسمية الحاكية عن الخارج بعضها بالبعض، ولولا ألفاظها لم ترتبط ألفاظ الأسماء، ولم تحصل الجمل، فتدبر.
بحث وتحقيق في بيان بعض أقسام الحروف:
ما ذكرنا من كون الحروف حاكيات عن الارتباطات ليس حكما كليا للحروف، بل هو شأن بعضها، وبعض آخر منها ليس حاكيا عن الواقع، بل موجد لمعناه، كحروف القسم والتأكيد والتنبيه و التحضيض والردع وأمثالها، فإنها وضعت لان تكون آلة لإيجاد معانيها، وتستعمل استعمالا إيجاديا، كما أن شأن بعض الأفعال كذلك كما يأتي (1) ضرورة أنه ليس للقسم والتأكيد والردع - مثلا - واقع تحكي حروفها عنه، بل المتكلم ينشئ معانيها بالحروف، فلا شبهة في تحقق هذين النحوين في الحروف.
ولست الان بصدد استقصاء أحوال جميع الحروف. ولا دعوى حصرها فيهما، ولا بصدد أقسام النسب في القضايا البسيطة والمركبة و الايجابية والسلبية، بل بصدد بيان أن هذين النحوين من الحروف يكونان في لسان العرب والفرس بل سائر الألسنة حسب مسيس الاحتياج إليهما، ولا يكون جميعها إيجادية ولا حاكية، ولا ننحرف عن هذه الطريقة المطابقة لوجدان كل صاحب لسان إلا ببرهان.