نسبتي الابتدائية والانتهائية - بين طبيعة السير المقتطع من الطرفين - دلالة تصورية مع قطع النظر عن ورود هيئة الامر، من غير تكثير في محكيهما، فإذا دلت الهيئة على البعث إلى السير المقتطع بالبصرة والكوفة من غير بعث استقلالي إلى الابتداء والانتهاء، و انطبق السير المحدود على المتكثر، صارت الحدود متكثرة بالتبع، و لفظتا (من) و (إلى) حاكيتان عنهما حكاية الواحد عن الكثير، لا عن الواحد المنطبق عليه ضرورة عدم تعقل واحد قابل للانطباق على محكيهما ذهنا أو خارجا.
ولو أنكرت جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، أو أنكرت كون المقام من قبيله، فلنا أن نقول في مثل (سر من البصرة) أو (كل عالم في الدار): إنه مستعمل في ربط جزئي يحلله العرف إلى الروابط، لا كلي قابل للصدق.
وأنت إذا تأملت فيما ذكرنا من أول البحث إلى هاهنا - من امتناع تصور جامع ذاتي فيها، واختلاف معانيها مع الأسماء في جميع الشؤون، وتبعيتها لها فيها - يسهل لك تصديق ما ذكرنا مع مساعدة الوجدان والبرهان عليه.
في حال بعض الهيئات:
ليس للهيئات - أيضا - ميزان كلي وضابطة واحدة كما سيتضح لك، فلا بد من البحث عن مهماتها وتميز حال بعضها عن بعض:
فمنها: هيئة القضية الخبرية الحملية التي لا يتخللها الحروف مثل (الانسان